بوادر “اتفاق هدنة” في لبنان، الخلفيات والمعطيات

تقدير موقف، مركز تقد للسياسات

تقديم: أثار الظهور المفاجئ لجهود أميركية فرنسية لإنجاح مبادرة لتثبيت هدنة على جبهتي غزّة ولبنان، أسئلة بشأن نجاعة الأمر فيما سبق لإسرائيل أن رفضت ضغوطا ومبادرات سابقة، لا سيما من قبل إدارة البيت الأبيض، تتعلّق بصفقة ممرحلة لإنهاء الحرب في غزّة. وبغضّ النظر عن حسابات نتنياهو في إعلانه التعاطي إيجابيا مع هذه المبادرة الثنائية الجبهات، فإن معطيات مصدرها بيروت يمكن أن تساعد في فهم خلفية إضافية عن تطوّر هذا المسار.
نرصد هذا التطوّر من الزاوية اللبنانية من خلال عرض للمعلومات والخلفيات التالية:
•⁠ ⁠تتحدث معلومات في بيروت أن رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، الذي كان أعلن في 21 سبتمبر 2024، عدم مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بسبب الأوضاع في لبنان، عاد عن قراره وتوجه إلى نيويورك بضغط من رئيس مجلس النواب، نبيه بري، حليف حزب الله، للعمل على إنضاج تسوية لوقف إطلاق النار.
•⁠ ⁠في 25 سبتمبر، كشف برّي، لصحيفة “الشرق الأوسط”. أنه يقوم بـ “مساعٍ جدّية” مع أطراف دولية، بينها الولايات المتحدة، للَجْم التصعيد الإسرائيلي الأخير على لبنان، مضيفاً أن الساعات الـ24 المقبلة ستكون “حاسمة” في نجاح هذه المساعي أو فشلها في التوصل إلى حلول سياسية للأزمة.
•⁠ ⁠جاء إعلان بري متزامناً مع بدء الحديث عن مشروع أميركي فرنسي يسعى إلى اتفاق أطراف الصراع على هدنة لمدة 21 يوما على جبهتي لبنان وغزّة تجري خلالها مفاوضات لوقف الحرب على الجبهتين.
•⁠ ⁠تقول معلومات بيروت أن بري أطلق هذه الجهود وأوعز إلى ميقاتي بالتوجه إلى نيويورك بعد أن تلقى إشعارا من حزب الله بمرونته لوقف الحرب ودرس خيارات من أجل ذلك وإيجاد آلية لحفظ ماء وجه الحزب في مسألة الربط ما بين جبهتي لبنان وغزة.
•⁠ ⁠في 25 سبتمبر، نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول لبناني، قوله إن “حزب الله منفتح على أي تسوية بشأن غزة ولبنان”.
•⁠ ⁠تكشف مصادر (خاصة) أن بري كان أخبر المبعوث الرئاسي الأميركي، عاموس هوكشتاين، في آخر لقاء بينهما في بيروت جرى في 14 أغسطس الماضي، أنه يضمن وقف حزب الله لإطلاق النار نهائيا من جنوب لبنان في حال تمّ الإعلان في إسرائيل على وقف إطلاق النار في غزّة، “حتى لعدة أيام”، وأنه يضمن عدم عودة الحزب إلى تفعيل جبهة لبنان في حال عودة القتال إلى غزّة.
•⁠ ⁠بناء على هذه المعطيّات، يُعتقد أن “آلية الهدنة”، في حال موافقة إسرائيل، تضمن، وفق تصوّر بري السابق، عدم عودة حزب الله إلى مهاجمة إسرائيل وتعطيل عودة سكان الشمال إلى منازلهم، حتى في حال فشل المفاوضات بعد الهدنة في غزّة.
•⁠ ⁠تؤكد المعلومات أن الولايات المتحدة وفرنسا بدءا تفعيل المبادرة المشتركة، إثر تبلّغ أجواء مصدرها المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، الذي نقلت الصحافة اللبنانية عنه أنه لمس “هذه المرة” انطباعات إيجابية، خصوصا بعد توجهه إلى “الضاحية” واجتماعه برئيس الكتلة البرلمانية لحزب الله، محمد رعد، وتبلّغه أجواء ومعطيات مباشرة من حزب الله.
•⁠ ⁠تقول مصادر بيروت أن تماسّ فرنسا المباشر مع حزب الله يقابله تماسّ مباشر أميركي مع إسرائيل وآخر خلفي مع إيران لتمرير “اتفاق الهدنة”. غير أن إشارات إسرائيل متناقضة وملتبسة على الرغم من إعلان نتنياهو قبول التعامل مع مفاوضات الهدنة في ظل تكثيف إعلامي لخيار الحرب البريّة.
•⁠ ⁠مقابل ذلك، تُظهر إيران أيضا تخبطا ما بين خطاب اعتدال وانفتاح وواقعية للرئيس مسعود بزشكيان، بما في ذلك تصريحاته حول “وضع السلاح جانبا” و “حزب الله لا يستطيع وحده مواجهة إسرائيل”، من جهة، ونفي وتصويب هذه المواقف من قبل وزير الخارجية، عباس عراقجي، الذي يرافقه في نيويورك.
•⁠ ⁠يعتقد في بيروت أن إيران التي اعتبر مرشدها، علي خامنئي، أن حزب الله “خسر في هذه الجولة “، والحزب الذي منيّ بخسائر هيكلية كارثية، يحتاجان إلى “هدنة” لالتقاط الأنفاس، ما يعني أن للحزب مصلحة داهمة لتسهيل اتفاق الهدنة. بالمقابل فإن هناك تخوّف من رفض نتنياهو هذا الخيار والاستفادة إلى الحدّ الأقصى من “إنجازات” إسرائيل الأمنية والعسكرية لتصعيد أكبر.
•⁠ ⁠في 25 سبتمبر، أكد القيادي في حركة “حماس” أسامة حمدان، المتواجد في لبنان، خلال مداخلة مع “الجزيرة” أن “محاولات فصل قوى المقاومة مرفوضة، مشددا على أن وقف العدوان الإسرائيلي الشامل هو الشرط الأساسي لأي تهدئة، وحذر من محاولات كسب الوقت لصالح إسرائيل، مؤكدا ثبات موقف المقاومة.
•⁠ ⁠تقول المصادر أن أوساط الحزب استغربت موقف حمدان واعتبرته مزايدة على قرار الحزب واستباقا لأي مرونة ممكنة. •بالمقابل تحدّثت بعض المصادر المراقبة عن عدم استغراب صدور موقف من “حماس” يعفي الحزب من هذا الربط بين الجبهتين، ويناشده الاستجابة لذلك، لسحب ورقة يستخدمها نتنياهو لمواصلة العدوان على لبنان.

خلاصة:

**تعتبر المصادر في بيروت أن مشاركة رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، في أعمال الأمم المتحدة, تقرّرت بناء على معطيّات مصدرها حزب الله، وضغوط من حليفه رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بالاستعداد لصفقة معيّنة.
**تؤكد هذه المصادر أن “آلية الهدنة” تتّسق مع طلب بري من الموفد الرئاسي الأميركي، عاموس هوكشتاين، في أغسطس الماضي، تمرير آلية تبرر فصل جبهة غزّة عن جبهة لبنان.
**تكشف المصادر أن اعتراف المرشد الإيراني بـ “خسارة” حزب الله، يوحي برعاية طهران لمرونة يبديها الحزب للتعامل مع مشروع الهدنة.
**استغربت أوساط الحزب بشكل مكتوم موقف قيادي حماس، أسامة حمدان، من لبنان، في المزايدة على موقف الحزب بشأن ربط الجبهات، فيما لم تستبعد أوساط مراقبة صدور بيان عن “حماس” يعفي الحزب من هذا الربط.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.